"فرصة عمل" للموظفين التقليديين، "تجربة مؤثرة " لأصحاب الشغف

قد تبدو فرصة العمل هذه في شركة مينا أليانسز للناس مجرّد مهمة يتقاضون أجرها نهاية كلّ شهر، لكنّها لم تكن كذلك فحسب، لقد صنعت فارقًا كبيرًا منذ اليوم الأول من أيام التدريب قبل الشروع بالعمل، كان التدريب قائمًا على توضيح الأدوات التي سنقوم من خلالها بتعريب محتوى فيديوهات موقع اليوتيوب وتحويلها من مادة سماعية إلى نصٍ مكتوبٍ بلهجته الأصلية التي نستطيع الإستماع إليها عند تشغيل الفيديو مباشرة.

20170808_112315

فمن خلال الإجتماعات عبر الإنترنت واللقاءات المرئية التي كانت تجمعنا مع المسؤولين في الضفة الغربية تمت عملية التدريب خطوةً بخطوة حتى أتقنّا كل خطوات العمل واحدة واحدة، ثمّ خضعنا لإختبار القبول، وما زلتُ أذكر يوم تقديمي لذاك الإختبار الذي كان يتحدث محتوى الفيديو فيه عن طريقة صنع أحد أنواع الحلويات، فحينما قُبلت، وجدتُ نفسي أطبقه فعلًا على أرض الواقع!

إنّ أحبّ الأعمال إلى الأشخاص تلك التي يعملون بها بكلّ شغف وحب، بل تلك التي تضيف لهم كمًا هائلًا من المعلومات حول الثقافات المختلفة، والموضوعات الكثيرة التي تشغل بال العالم سواء أكانت دينية، ثقافية، إنسانية، سياسية، طبيّة وغيرها الكثير والكثير من التصنيفات، وهذا الأمر تحديدًا ساعدني على وجود حافزٍ أكبر إذ أنّي كنت أتعمّد إختيار الفيديوهات القصيرة لأستطيع أخذ الكثير من المعلومات التي لا يمكن أخذها من فيديو واحد يصل إلى ساعتين مثلًا.

20170816_120451

لقد اكتسبت مهارة الإستماع، كنتُ قليلًا ما أتحدث بسبب حاجتي للتركيز الكبير مع ما يقولون لإختلاف لهجاتهم التي يتحدثون بها وسرعان ما تعلمتها من التكرار المستمر، وهذا الأمر تحديدًا كان له الأثر الكبير في حياتي الإجتماعية، مهارة الإستماع وحدها كانت تكفي لأن أحسن فهم الأشياء، تعلمتُ كيف يمكنني أن أكتب بسرعةٍ تنافس سرعة الحديث حتى أصبحتُ حقًا أشعر بيداي تكتبان لوحدهما دون حاجة مني لأن أنظر إلى لوحة المفاتيح، وهذا الأمر أدى حقًا لوجود قدرة لدي لإنجاز عملٍ أكبر بوقتٍ أقل.

أثناء تجوّلي بين الفيديوهات والتعلم منها، أذكر كثيرًا أني كنتُ أجد نفسي في تساؤلاتٍ عن كلماتٍ معينة في لهجة ما، أو قضية ما، وهذا الأمر أدى لوجود حبّ إستطلاع كبيرٍ يثري معلوماتي بشكلٍ رائع جدًا، ولربما بعض المصطلحات التي لا نفهمها إلا بعد الشرح، الكثير من الشخصيات الهامة التي لم نكن نعرفها، الكثير من الأحداثالتي جهلناها ربّما أثناء انشغالنا بحياتنا، كلها كانت حاضرة أمامي وفي متناول يدي، وكما يقول من قال، إن لم تُحب ما تفعل، وتنقله لحياتك الخاصة، فأنت لا تفعل شيئًا إطلاقًا.

IMG_6536 copy

إنّ كل ما ذكرته بالأعلى لم يكن إلا جانبًا شخصيًا واحدًا، أما على الصعيد العملي والمهني، فالحق يقال، كان كلّ شيءٍ يسيرُ بشكلٍ رائع، حتى الفريق كان متكاملًا ما بين مسؤولين ومدققين وموظفو العمل الحر، لقد اكتسبنا جميعًا مهارة فوق كلّ هذه المهارات وهي العمل بروح الفريق وإقتسام الأدوار فيما بيننا حتى يكون نجاحنا مشتركًا لا نجاحًا منفردًا، أذكر أنّي كنتُ كثيرًا ما أطوّر قدرتي على العمل بشكلٍ صحيح في كلّ مرة أسهو عن شيء ما ويُرجعُ لي أحد المدققين هذا الملف ليخبرني عن مكان الخطأ الذي وقعت به، فأعمل جاهدة على عدم تكرره أبدًا وأعاهد نفسي أن أتقن العمل للمرحلة التي لا يعود لي بها أيّ ملفٍ آخر.

لا شكّ أنها لحظة صعبة حين تعمل على فيديو ما ولربما قد يطول إلى ساعة أو نصفها ثم يعود لك ما عملت عليه لتقوم بالتعديل على جزئية ما، لكنّ الذي يريد التعلم من أخطائه سيقبلُ كلّ ذلك بصدرٍ رحب، الخطأ ليس عيبًا، العيبُ أن نمرّ عليه ونكرره دون محاولة واحدةٍ حتى لتصحيحه، وهذه أهم خطوة من خطوات إتقان الأعمال.

 تبادلنا الحديث كثيرًا بيننا حول كيفية العمل مع المسؤولين وتواصلنا بشكلٍ دائم مع المدققين والذين جميعًا لم يقصّروا في تواجدهم أبدًا على مدار الساعة حتى نكون يدًا واحدًا في تجاوز هذه المرحلة الأولى،تشاركنا كثيرًا طرقًا اكتشفناها للعمل حتى نسهل على بعضنا البعض ولا يقتصر الواحد منّا على نفسه أبدًأ حلًا لمشكلة ما.

 

20170910_121804
من الخليل، نابلس، الأردن وقطاع غزة، تلاقينا هُنا دون أن يكون هذا اللقاء وجهًا لوجه، لقد حاربنا المسافات الجغرافية هذه بحبّ العمل والشغف، بالتعاون وروح الفريق الواحد الذي يتقاسم الأدوار ويتشارك النجاح، نعملُ سويًا في عالمٍ افتراضي عبر التطبيقات، لكن ذلك لم يكن معيقًا ابدًا، ونجحنا في تجاوزه.